الخميس، 19 أغسطس 2010

عراق ما بعد الانتخابات

بقلم : ماجد يوسف داوي ( ناشط حقوقي وسياسي )
Dawi1982@gmail.com
على الرغم من النجاح الذي حققته التجربة الديمقراطية في العراق أثناء الانتخابات البرلمانية المنصرمة إلا أن القوى السياسية لا تزال تبحث عن صيغة لتقاسم السلطة وتشكيل حكومة وطنية في ظل التدخلات الإقليمية والتي أخذت أشكالاً متعددة لتكريس دورها في المنطقة لمواجهة التطورات والتغيرات المقبلة.
فإيران التي تعتبر نفسها الوصي الوحيد على العراق لن تراهن على عراق ٍ معاد لها في ظل الصراع التي تشهده من الداخل المتمثل بالمعارضة الإصلاحية أو الصراع الخارجي المتمثل بالولايات المتحدة والدول الأوربية.
كما أن الدول العربية والولايات المتحدة الرافضين لفكرة عراق ٍ موال للنظام الإيراني دفعتها للتحرك السريع لمواجهة امتداد النفوذ الإيراني في العراق من أجل إعادة الموازين في المنطقة لحالتها الطبيعية المتوازنة. ناهيك عن عدم تنازل حكومة إقليم كردستان للتفريط بالتجربة الديمقراطية الناجحة والاستقرار الأمني في كردستان العراق.
هذه النقاط الثلاثة بالإضافة إلى نقاط ٍ أخرى زادت من حدة النقاش لدى الأوساط السياسية ومحلليها الخائفة من تداعيات التأخر في إعلان الصيغة النهائية للحكومة الجديدة , الأمر الذي دفعت بالقوى السياسية لتكثيف اتصالاتها مع بعضها البعض واللجوء إلى دول المنطقة أملا منها بأن تسهم في الاتفاق بشكل من الأشكال في ترسيم الخارطة السياسية الجديدة , بالإضافة إلى محاولاتهم في إعادة العلاقات المنقطعة مع جاراتها , لأن العراق في الوقت الراهن بأمس الحاجة إلى تأييد ومساندة جميع الدول المجاورة , والذي كان للنظام السابق دوراً رئيسيا في تقويض العلاقات مع معظم دول المنطقة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه ها هنا كيف سينتهي مسلسل التحالفات مع وجود رغبة جامحة لدى عدة قوى في رسم نهاية هذه الدراما السياسية ؟!!
فإتلاف العراقية برئاسة السيد إياد العلاوي هي الكتلة الفائزة في الانتخابات , والتي تجد لإتلافها الحق في تشكيل الحكومة الجديدة , بغض النظر عن الطعن الذي تقدم به إتلاف دولة القانون والتشكيك بنتائج الانتخابات.
كما لا يفوتنا أن التحالف السياسي بين إتلاف دولة القانون برئاسة السيد المالكي والإتلاف الوطني العراقي بزعامة السيد الحكيم ومحاولاتهما لضم التحالف الكردستاني الذي أثبت وجوده على الخارطة السياسية بقوة إليهما مؤخراً , الأمر الذي يعطي هذا التحالف الشرعية في تشكيل الحكومة الجديدة , نظراً لتمثيله ثلثي الكتلة البرلمانية.
وهنا تجدر الإشارة بنا أن نسترجع الماضي في الانتخابات اللبنانية وبالتالي التأكيد على نظرية "التاريخ يعيد نفسه " ولكن هذه المرة في المشهد العراقي , أسوف نشهد ما شاهدناه أثناء الانتخابات البرلمانية المؤخرة في لبنان , والذي كانت لبعض الدول العربية المعتدلة الدور الأبرز للوصول إلى اتفاق ٍ يرضي جميع الكتل السياسية في تشكيل حكومة وطنية على الرغم من التدخل المباشر لبعض الدول الإقليمية والمجاورة للتلاعب بمصير التجربة الديمقراطية الرائدة في لبنان.
فهل سنشاهد استبعاد القائمة العراقية من الحكومة الجديدة وبالتالي مقاطعتها للبرلمان على غرار ما فعله حزب الله في لبنان , أو هل ستكتفي بإيجاد بديل للسيد المالكي لرئاسة الوزراء شرطا لمشاركتها في الحكومة. وهل ستلوّح المرجعية الشيعية , أو العاصمة طهران بالفيتو على شخص السيد العلاوي.
أم أنه سيكون للقوى السياسية في العراق كلاما آخر , والاتفاق على السهل الممتنع في اقتراح ممثل الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة زلماي خليل زاد بتقاسم المدة الزمنية في رئاسة الحكومة بين المالكي والعلاوي.
فرضيات واحتمالات كثيرة تراود خيال السياسيين والمهتمين بالشأن العراقي من الداخل والخارج , ففي ظل المشاورات الجارية حالياًٍ تبدو الحقائب السيادية استحقاقاً مؤجلا حتى حين , إلا أن اللوائح الانتخابية المنتصرة لا تخفي رغبتها بالحصول على أفضل المكاسب , ما يؤكد ثقلها ووجودها كلاعب مهم وأساسي في المشهد السياسي المعقد , لما بعد الانتخابات التي خرجت بنتائج باتت أشبه بشبكة عنكبوت تداخلت فيها الرؤى والمواقف والخلافات والانقسامات وحتى التوافقات.

Dawi1982@gmail.com

التحالف الكردستاني ( رمانة الميزان الانتخابي )

بقلم : ماجد يوسف داوي ( ناشط حقوقي وسياسي )
Dawi1982@gmail.com
على الرغم من أن قائمة التحالف الكردستاني هي رابع أكبر قائمة فائزة بالمقاعد النيابية في الانتخابات العراقية المؤخرة , إلا أنها أثبتت و بقوة للعراقيين و للدول الإقليمية بأنها قوة لا يمكن تجاهلها في ترسيم الخارطة السياسية للجمهورية العراقية.
فالتجربة الديمقراطية الناجحة لإقليم كردستان , والتي توضّحت معالمها في الانتخابات البرلمانية التابعة للإقليم , والعلاقات المتميزة لحكومة إقليم كردستان برئاسة السيد مسعود البرزاني مع الدول المجاورة ودول المنطقة , ناهيك عن علاقاتها الرائدة مع معظم الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية , بالإضافة إلى قدرتها المنقطعةِ النظير على إحلال الأمن والاستقرار في المنطقة الشمالية في الوقت الذي تصاعدت فيه نشاط العمليات الإرهابية وسط وجنوب العراق.
كل ما ورد بالإضافة إلى علاقاتها التي تتميز بالمرونة ووقوفها بنفس المسافة من جميع الكتل السياسية , جعلت من هذه الكتل المتنافسة لإعلان جم ّ رغبتها في التحالف مع القائمة الكردستانية.
أما دعوة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز للسيد البرزاني , والتي اندرجت بين الزيارات الإستراتيجية , فإن حفاوة الاستقبال , ومنحه الوشاح الملكي من الدرجة الأولى , واعتباره جزء من الحل في العراق , كانت خير دليل على القوة السياسية التي تتمتع بها حكومة إقليم كردستان, وعلى دورها البارز في المعادلة السياسية لتشكيل حكومة وطنية تمثل كافة أطياف الشعب العراقي بقومياته وطوائفه المختلفة.
ومن جهة أخرى فإن زيارة الرئيس مسعود البرزاني بدعوة من السيد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري , الذي تربطه وشعب لبنان علاقة متميزة مع القيادات الكردية والشعب الكردي , والتي كانت العلاقات التجارية والثقافية وفتح الأبواب للاستثمارات اللبنانية وتعزيزها في إقليم كردستان العنوان الرئيسي لهذه الزيارة .
كما إن نجاح حكومة إقليم كردستان في مجال التنمية والأعمار , و محاولاتها لجذب الاستثمارات من كل حدبٍ و صوب , نظراً للمكانة الإستراتيجية التي تتحلى به في المنطقة , وخاصة بعد أن أصبح الإقليم مركزاً سياحياً مستقطباً للزوار من الطراز الأول في العراق والمنطقة , الأمر الذي جعلت منها أكثر انفتاحاً على الاستثمارات العربية والأجنبية .
إن هذا الانفتاح بالإضافة إلى تمسّك حكومة إقليم كردستان بمبدأ عراق ديمقراطي فيدرالي تعددي ومحاولاتها المستمرة لترسيخ مبادئ الحرية و الأمن والاستقرار لأبناء العراق بشكل عام والكرد بشكل خاص , منحت الثقة للقوى السياسية الداخلية والخارجية للالتفاف حولها وتمتين العلاقات السياسية والاقتصادية معها.
إن هاتين الزيارتين كانتا البرهان القاطع على تطور العلاقات بين دول المنطقة وإقليم كردستان , وكانت الدليل على القوة التي يمتلكها الائتلاف الكردي للتأثير على القرار السياسي بكتلتها النيابية والتي تبلغ حوالي نسبة 20 % من المجلس النيابي العراقي ككل , ولكن في ظل هذه القوة التي يتمتع بها الائتلاف الكردي , هل سيراهن مرة ثانية على وعودٍ سرابية من السيد المالكي وذلك من خلال التحالف معها ثانية في تشكيل الحكومة , أم سيبدأ بإيجاد حليف جديد والبدء من نقطة البداية للتفاوض مع الائتلاف العراقي , والذي يضم قائمتا ( الهاشمي و النجيفي ) , هاتان القائمتان اللتان تعتبران من أشد القوائم رفضا لتطبيق المادة (140 ) , وفي تأزيم حل مسألة المناطق المتنازع عليها مع الإقليم سابقا.
أما في حال تقاسم المالكي والعلاوي السلطة بينهما من حيث المدة الزمنية , فأين سيكون موقع الائتلاف الكردي في الحكومة الجديدة , في ظل ظهور قوى إقليمية جديدة داعمة للإتلاف العراقي , على غرار الدعم والتأييد الذي يتلقاه إتلاف دولة القانون من بعض الدول المجاورة .
هنالك العديد من العراقيل واجهت حكومة الإقليم كنوع من التحدي في السنوات الماضية , لا تزال آثارها متراكمة إلى يومنا هذا , فهل الظروف التي آلت إليه بغداد , جعلت من سياسيها أن تؤمن ببناء المجتمع الديمقراطي الحر ؟!! الذي يمكن أن يكون الأساس في بلورة الوعي السياسي والثقافي والاجتماعي، وأن يجعل من الفرد قادراً على التحرر من كل القيود المفروضة عليه قومياً ودينياً وطائفيا ، ويجعله مؤمناً بقدرته وكفاءته في بناء المجتمع , وبالتالي رفض العنف ونبذ التطرف , والإقبال على الاعتراف بالآخر.

Dawi1982@gmail.com

حوار مع المعارض السوري نصر سعيد

حاوره : ماجد یوسف داوي
جمیلة هي تلك الأیام التی نعیشها ونحن نتعارك مع الحیاة بكل ما تحمله من مآسیه ، واضعین الأمل نصب أعیننا ، هذا الأمل الذی یدفع الإنسان حیاته ثمنا له.
وكم جمیل هو الصبر ، صبر الإنسان علی تحمل مصائب الحیاة التی خلقتها إرادة اللا قدر.
وجمیلة‌ هی إرادة الإنسان التی تدفعه لتحقیق هدفه فی الحیاة دون كلل أو ملل فی مواجهة الواقع المفروض .
نعم إنه ( الأمل – الصبر – الإرادة‌ ) التی قلما نجدها إلا عند أناس أحبوا تغیر الواقع المتخلف الخائف من نفسه.
إنها أشیاء كثیرة‌ رأیتها عند صدیق حمیم تعرفت علیه عن محض صدفة‌ ، فی إحدی جلسات منتدی الحوار الدیمقراطي باللاذقیة‌ ، والذی كان قید التأسیس والإعلان ولكن مشیئة اللا قدر حال دونها والإعلان.
إنها لحظات الوداع والولادة‌ الجدیدة‌ هی التي جعلتني أغتنم فیها فرصة‌ اللقاء مجددا مع العائلة‌ التی طالما أحببتها وشعرت بالراحة‌ معها ، وأخذت دور الصحفی ، علما أنني لست بصحفي ، وأجریت معه هذا الحوار.
انه المعارض السوري ( نصر سعید ).
بطاقة تعريف:
نصر سعيد : عضو مؤتمر وطني مستقل ّ ليبرالي في إعلان دمشق , وهو من مواليد عام 1960 في إحدى قرى اللاذقية من عائلةٍ عريقةٍ في الطائفة العلوية .
حاصل على شهادة أهلية تعليم و شهادة جامعية في علم الاجتماع من جامعة تشرين عام 1987 .
متزوج من السيدة الهام إسماعيل إحدى مؤيدات إعلان دمشق.
لديه : ( شيرين ، تيماء ، مجد )
تعرّض الى عدة ّ اعتقالات :
الأولى من قبل الكتائب المسلحة في آب 1980
والثانية من قبل أمن الدفاع لرفعت الأسد ، تعرض فيها لأبشع أنواع التعذيب.
والثالثة من قبل الأمن العسكري لمدة اثنا عشر عاماً قضاها في سجن صيدنايا العسكري .
و الرابعة بعد مؤتمر إعلان دمشق .
في سجن صيدنايا أدرك أهمية التعايش فأقام منتدى حوار مع الإخوان المسلمين و بعث العراق و الأكراد إيماناً منه بأن سوريا للجميع .
كان من الرواد الأوائل في منتدى الحوار الديمقراطي الثقافي في اللاذقية الآنفة الذكر قبل حله من قبل الأمن السياسي.
لديه دراسة قيد الطبع تحت عنوان ( ظاهرة المد الإٍسلامي , أسبابها .. آمالها ) كانت نتاج حوار مطول في السجن مع الإسلاميين .

س1 – ما رأيك في الأوضاع السياسية في المجتمع السوري ؟
أنا اعتقد إن الوضع السياسي في سوريا ليس طبيعياً ، و لا يعبر عن المجتمع الطبيعي المتحرك ، فالسلطة السياسية تمنع ظهور التنوع و الرأي الآخر و هذا يزيد الوضع تأزماً و تشوهاً و تخلفاً في النهاية ،و تتحمل السلطة المسؤولية الرئيسية في ذلك لأنها هي التي تدير المجتمع و تتحكم بمقدراته .

س2 – لقد تفاوتت الآراء السياسية من مؤيدين لإعلان دمشق ورافضين له , كيف تقيمون ذلك كمعارض سوري وعضو في اللجنة المؤقتة لإعلان دمشق باللاذقية ؟
أنا اعتقد إن إعلان دمشق خطا الخطوة الأولى على الطريق الصحيح.. طريق الانتقال السلمي التدريجي لسورية الى دول المؤسسات و الديمقراطية تضم فيها كل أطياف الشعب السوري عرباً و أكرادا و آشوريين ..الخ
إن شعارات إعلان دمشق المتواضعة أحرجت النظام جداً أمام مناصريه و لم يعد بالإمكان تجاهل ما يطرحه الإعلان حول ضرورة قيام الدولة المؤسساتيه فقد صارت مطالبنا على الطاولة الاجتماعية و استنفرت بعض الحالات السياسية التي تدّعي ( المعارضة ) و صار همّها النيل من إعلان دمشق نيابةً عن النظام .

س3 – مارس النظام البعثي في سوريا مند توليه السلطة أبشع أنواع الاضطهاد والاستبداد ضد مواطنيه عموما والشعب الكردي بشكل خاص الذي تعرض للاضطهاد القومي والوطني وتجلى ذلك في العديد من المواقف من تجريد الهوية الوطنية وتغيير ديموغرافية المناطق الكردية والتهجير والاعتقال مرورا بالقتل والإبادة وانتهاءا بالمرسوم الذي جرد الأكراد فيه من حق التملك. في ظل هذه الممارسات كيف ترى المجتمع الكردي وفضاءه السياسي وخاصة بعد 2004 ؟
المجتمع الكردي مجتمع حيوي , مضّحي ومدافع يعشق الحرية وقد استطاع في ظل الظروف التي ذكرتها أنت أن يحافظ على لغته وثقافته وقوميته , لقد حدث بعد عام 2004 بعض التردد و الهدوء في الساحة الكردية و تجلى ذلك بفتور العيد القومي / النوروز / ، وقد يكون بسبب ردة فعل النظام العنيفة في أحداث القامشلي و غيرها من المناطق و قد أدى هذا لظهور تباينات في الساحة الكردية حول بعض الاستراتيجيات و الأهداف ، وهنا حقق النظام بعض أهدافه مُلاقياً هذا الفتور بإعلان رئيس الجمهورية الاستعداد لتقديم هويات ٍ للمجردين من الجنسية , بعد ذلك خمد الصوت ُ درجةً على الاقل . ان التباين بين القوى المنضوية تحت إعلان دمشق و خارجها يجب ان يكون غنىً للحالة الكردية و قوةً لها ، فما يطرحه بعض الأحزاب الكردية السياسية المتعصبة نوعا ما ليس كفراً حتى لو لم نتفق معه و لا يعُادل من أجاز ( مجزرة حلبجة ).
أنا متفائل جداً بالمجتمع الكردي و بحيويته و خاصة بعد تقدم الحالة الكردية عالمياً و في العراق بشكل ٍ خاص. و قريباً سنجدً مقاربة كردية تخدم تطلعات هذا الشعب في الوجود بكل أبعاده الإنسانية و الجغرافية .
نصيحتي : إبعاد لغة التخوين بين كل أطياف الحركة وتفهم وجود من يرفع سقف المطالب كما نتفهم وجود من سيتواضع حتى إلى مستوى الهوية و الحقوق الثقافية .

س4 – كما نعلم إن الحركة ( الأحزاب ) الكردية في سوريا هي التي تمثل الشعب الكردي في سوريا , ما رأيك بهذه الحركة السياسية بشكل عام؟
إنني أتفهم وضع الحركة الكردية بسبب الظروف التي مرت بها و التناقضات التي عاشتها ، لكن في النهاية يجب أن ننظر للحالة الكردية كضحيةٍ لتوازنات دوليةٍ و إقليمية و تاريخية ، و مع ذلك في السنوات الأخيرة خطت الحالة الكردية خطوات هامة ٍ إن كان في العراق أو في سورية عندما وجدنا أحزاباً عديدة منها دخلت في إعلان دمشق و تفاعلت مع السوريين لأنها أدركت أن سبب الأزمة واحد وهو ( الاستبداد) ورفعت شعاراً واقعياً مقبولاً وهو ( الحقوق المُتساوية ضمن سورية موحدة ) إن الشعار أحرج السلطة أمام السوريين وأمام القومجيين الذين لا يستطيعون تخيل دولةٍ كرديةٍ تسلخُ جزءاً وضعوا يدهم عليه ، و ما أكد على أهمية هذه الخطوة استنفار السلطة تجاه هذا المجتمع ( إعلان دمشق ) فالسلطة تدرك أكثر من الكثيرين ان دخول الأكراد بهذه الروحية الى إعلان دمشق يشكل رافعة نضالية و قوية لوحدة الشعب السوري عرباً و كرداً ، كما تضعف التخوينات بغض النظر عن صوابيتها.

س5 – مارس النظام السوري ضغوطا على الحركة المعارضة بشكل وعام والشيء الملفت للنظر هو كيفية تعامل هذا النظام مع القوى الكردية المنضوية تحت إعلان دمشق , ما رأيك بذلك ؟
إن النظام أدرك قبل غيره أهمية وحدة الشعبين العربي و الكردي في سورية و بالتالي قام بمحاصرة الناشطين و الضغط الكبير على مؤيدي الإعلان و كان يشدد و يهدد لمنع اللقاءات العربية الكردية ففي اللاذقية مثلاً كما تعلم تم تهديد بعض الطلبة عبر إدارة الجامعة من اللقاء بلجنة إعلان دمشق في اللاذقية كما تم تهديدنا نحن من اللقاء بهم و الهدف هو عزل كل طرف لوحده و قد نجح ذلك ، و أنا أعتقد ان شعار حق تقرير المصير و الانفصال لا يشكل خوفاً اليوم كما وحدة المصير بين الشعبين العربي و الكردي التي تضعف النظام أمام الشعب السوري و تسقط حجته لقمع الانفصاليين و يزداد التأييد من العرب لهذه المطالب المعتدلة من جهة اخرى .
س6- على سيرة حق تقرير المصير , إن مفهوم حق تقرير المصير مفهوم شامل وقد خلق فجوة بين أطراف المعارضة السورية , فقد سمعنا ورأينا في منتدى الحوار الديمقراطي وفي اللجنة المؤقتة لإعلان دمشق باللاذقية أن بعض أطراف‌ المعارضة‌ العربية‌ لا يتقبلون فكرة حق تقریر المصیر للشعب الكردی فی سوریا ، ما رأي الأستاذ نصر سعید بذلك كمعارض سوری أیضا ؟
إن الحديث عن حق تقرير المصير يستوجب الحديث عن الحرية هذا المفهوم الشامل الذي لا يتجزأ فالمؤمن بالحرية هو إنسان يؤمن بالغائية الكانطية التي تتطلب أن تتعامل البشرية جمعاء كما لو أنها أنت و على ضوء ذلك أنا مع حق تقرير المصير لأي شعبٍ بالعالم ، فنحن نطالب بحق تقرير المصير للفلسطينيين في غزة كبقعة جغرافية لا تعادل أي جزءٍ من كردستان التاريخية و هنا يجب الإشارة إلى القومجي في المعارضة وغيرها ، فنجده رافعاً الصوت حول فلسطين ورافضاً حتى قوبل النقاش حول كردستان كما حدث معنا في أحد جلسات الحوار في منتدى اللاذقية ، فقد انسحب أحد المعارضين لأننا استضفنا أكراداً سوريين للحوار .؟!
إن الحالة الطبيعية والأخلاقية أن يناصر المظلوم مظلوماً مثله لا أن يعاديه أو ينكر عليه حقه في الوجود ...
سأتناول الموضوع من وجهة نظر أخرى طارحاً السؤال – من أين جاء الأكراد ؟.. هل هم من هذه الأرض التي قال عنها الاسكندر المقدوني في قصة الحضارة لـ ( ول ديورانت ) : ( عندما اجتحت الشرق لم أرى مقاومة تذكر إلا في مناطق جبلية يطلق على سكانها الكردوس إذ إن هذه المنطقة لم تعف قاطنين عبر التاريخ إلا الكرد ) و يمكن الاستعانة في الأركيولوجيا و الأنتربولوجيا للتأكد مما قام بها حكام المنطقة .
إن تقرير المصير يلبي حاجة وجودية نفسية أكثر مما هو حاجة اقتصادية و سياسية ، و يستحضرني مثالٌ ظريف يخدم رأي / كنا في سجن صيدنايا حوالي 300 معتقل رأي و بيننا مجموعة من الأكراد ، فطالبوا بمهجع خاص يقطنون به وحجتهم اللغة و العادات وبعد نقاش مطول أخضعنا به الأمر للتصويت فنجحوا في الحصول على المهجع ، عاشوا به ثلاث أشهر فضاقت بهم السبل فأعادوا طرح إعادة توزعهم على المهاجع ليعيشوا مع العرب . ألم يحدث ذلك للشعوب الأوربية التي أعادت الاندماج اليوم ؟؟!

س7- ما هي خيارات النظام اليوم على الصعيد الداخلي؟ من وجهة نظرك ؟
هناك خيارت عديدة و كبيرة لكنها مؤقتة وكما قال الشعيبي أحد منظري هذا الحال ( إننا نلعب على الزمن ، إننا نلعب لعبة عض الأصابع مع المجتمع الدولي ) وبالتالي الاحتمالات مفتوحة ولا توجد أي بوادر جدية تجاه الداخل فلدى النظام اوراق عديدة مرتبطة بالمحيط و دول الجوار و من ثم بأوراق الداخل عند اللزوم .
فالاستبداد خلق انحيازاً في انتقال هموم السوريين الى هموم الاخرين في الدول المجاورة و تأجيل همومهم الى ان ينتصروا على الخوف .
النظام يستقوي ليلاً نهاراً بكل الدول .. بكل الأطراف ...بكل الأوراق في الوقت الذي يمنعك ان تستقوي بالقانون في بلدك أو بنفس الجهات التي يستقوي هو بها .

س8- حول المجردين والمحرومين مدنياً في سورية ؟
أتمنى أن يتم تسليط الضوء على هذه الحالات الكثيرة والإنسانية من أجل إعادة الاعتبار المادي والمعنوي

س9 – ما هي رسالتك إلى المعارضة الكردية ؟
أتمنى أن تنتبه إلى أهمية وصول خطابها الى العرب و هذا يحتاج الى وسائل مرئية تنطق باللغة العربية وليس الكردية ، وانني أقدر حاجتكم للغتكم الكردية و حقكم في ذلك لكن الضرورة هي التفاهم مع الشعوب المتعايشة معكم لا عليكم .

س10- ألا تخشى هذه المقابلة ؟
لقد قررت بعد خروجي من السجن أن العمل السري غير مجدي لذلك سأمارس قناعاتي السياسية حول قضايا بلدي علناً مهما تعرضت للتخويف و الاعتقال فإبداء الرأي ليست جريمةً و دور المثقف هنا أشبه بالبكتيريا فمجرد ان يطرح رأيه في هذا الخوف والصمت ، وهو بحد ذاته جرثمة اجتماعية إيجابية رغم بساطتها تحث على إعمال العقل وإيقاظ القيم النبيلة ، إنه دور أسعد فضة تجاه أم صبحي في مسلسل رياح الخمسين السوري .

س11- هل لك من ملاحظة على المعارضة العربية السورية فيما يتعلق بالوضع الكردي ؟
هناك قوى عديدة لم تحسم بعد مفهوم الحرية لكل إنسان و لكل الشعوب ، يجب إنهاء / الغاية تبرر الوسيلة ، و المصالح تبرر الصمت و الخوف يخفي الرؤية / هؤلاء حريصون على عدم التفريط بأي شبر للأكراد تقع يدهم عليه لأنه من منظورهم خسارة في الوقت الذي يصمتون على احتلال ايران وتركيا مساحات واسعة . فهل الإيرانيون والأتراك أفضل لنا من مواطنين أكراد في سورية والعراق ضحوا في سبيل الوطن ، يؤمنون بالعيش المشترك وحسن الجوار قاسمونا الآلام .؟؟