الخميس، 19 أغسطس 2010

عراق ما بعد الانتخابات

بقلم : ماجد يوسف داوي ( ناشط حقوقي وسياسي )
Dawi1982@gmail.com
على الرغم من النجاح الذي حققته التجربة الديمقراطية في العراق أثناء الانتخابات البرلمانية المنصرمة إلا أن القوى السياسية لا تزال تبحث عن صيغة لتقاسم السلطة وتشكيل حكومة وطنية في ظل التدخلات الإقليمية والتي أخذت أشكالاً متعددة لتكريس دورها في المنطقة لمواجهة التطورات والتغيرات المقبلة.
فإيران التي تعتبر نفسها الوصي الوحيد على العراق لن تراهن على عراق ٍ معاد لها في ظل الصراع التي تشهده من الداخل المتمثل بالمعارضة الإصلاحية أو الصراع الخارجي المتمثل بالولايات المتحدة والدول الأوربية.
كما أن الدول العربية والولايات المتحدة الرافضين لفكرة عراق ٍ موال للنظام الإيراني دفعتها للتحرك السريع لمواجهة امتداد النفوذ الإيراني في العراق من أجل إعادة الموازين في المنطقة لحالتها الطبيعية المتوازنة. ناهيك عن عدم تنازل حكومة إقليم كردستان للتفريط بالتجربة الديمقراطية الناجحة والاستقرار الأمني في كردستان العراق.
هذه النقاط الثلاثة بالإضافة إلى نقاط ٍ أخرى زادت من حدة النقاش لدى الأوساط السياسية ومحلليها الخائفة من تداعيات التأخر في إعلان الصيغة النهائية للحكومة الجديدة , الأمر الذي دفعت بالقوى السياسية لتكثيف اتصالاتها مع بعضها البعض واللجوء إلى دول المنطقة أملا منها بأن تسهم في الاتفاق بشكل من الأشكال في ترسيم الخارطة السياسية الجديدة , بالإضافة إلى محاولاتهم في إعادة العلاقات المنقطعة مع جاراتها , لأن العراق في الوقت الراهن بأمس الحاجة إلى تأييد ومساندة جميع الدول المجاورة , والذي كان للنظام السابق دوراً رئيسيا في تقويض العلاقات مع معظم دول المنطقة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه ها هنا كيف سينتهي مسلسل التحالفات مع وجود رغبة جامحة لدى عدة قوى في رسم نهاية هذه الدراما السياسية ؟!!
فإتلاف العراقية برئاسة السيد إياد العلاوي هي الكتلة الفائزة في الانتخابات , والتي تجد لإتلافها الحق في تشكيل الحكومة الجديدة , بغض النظر عن الطعن الذي تقدم به إتلاف دولة القانون والتشكيك بنتائج الانتخابات.
كما لا يفوتنا أن التحالف السياسي بين إتلاف دولة القانون برئاسة السيد المالكي والإتلاف الوطني العراقي بزعامة السيد الحكيم ومحاولاتهما لضم التحالف الكردستاني الذي أثبت وجوده على الخارطة السياسية بقوة إليهما مؤخراً , الأمر الذي يعطي هذا التحالف الشرعية في تشكيل الحكومة الجديدة , نظراً لتمثيله ثلثي الكتلة البرلمانية.
وهنا تجدر الإشارة بنا أن نسترجع الماضي في الانتخابات اللبنانية وبالتالي التأكيد على نظرية "التاريخ يعيد نفسه " ولكن هذه المرة في المشهد العراقي , أسوف نشهد ما شاهدناه أثناء الانتخابات البرلمانية المؤخرة في لبنان , والذي كانت لبعض الدول العربية المعتدلة الدور الأبرز للوصول إلى اتفاق ٍ يرضي جميع الكتل السياسية في تشكيل حكومة وطنية على الرغم من التدخل المباشر لبعض الدول الإقليمية والمجاورة للتلاعب بمصير التجربة الديمقراطية الرائدة في لبنان.
فهل سنشاهد استبعاد القائمة العراقية من الحكومة الجديدة وبالتالي مقاطعتها للبرلمان على غرار ما فعله حزب الله في لبنان , أو هل ستكتفي بإيجاد بديل للسيد المالكي لرئاسة الوزراء شرطا لمشاركتها في الحكومة. وهل ستلوّح المرجعية الشيعية , أو العاصمة طهران بالفيتو على شخص السيد العلاوي.
أم أنه سيكون للقوى السياسية في العراق كلاما آخر , والاتفاق على السهل الممتنع في اقتراح ممثل الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة زلماي خليل زاد بتقاسم المدة الزمنية في رئاسة الحكومة بين المالكي والعلاوي.
فرضيات واحتمالات كثيرة تراود خيال السياسيين والمهتمين بالشأن العراقي من الداخل والخارج , ففي ظل المشاورات الجارية حالياًٍ تبدو الحقائب السيادية استحقاقاً مؤجلا حتى حين , إلا أن اللوائح الانتخابية المنتصرة لا تخفي رغبتها بالحصول على أفضل المكاسب , ما يؤكد ثقلها ووجودها كلاعب مهم وأساسي في المشهد السياسي المعقد , لما بعد الانتخابات التي خرجت بنتائج باتت أشبه بشبكة عنكبوت تداخلت فيها الرؤى والمواقف والخلافات والانقسامات وحتى التوافقات.

Dawi1982@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق